طبّـل للقرد في بلده
حدثني صاحبي مستعرضا إحدى وظائفه المتعددة هنا وهناك قائلا: أذكر في إحدى وظائفي كان لدينا مدير ليس منحلا أخلاقيا، ولكنه لا يراعي وقت صلاة الظهر، ولا يكترث لساعات الحضور والانصراف، ولا يتدخل بزيارة الموظفين لبعضهم في المكاتب؛ فكانت الإدارة أشبه بسوق شعبي، وأصبحت مستنقعا للقيل والقال، وحينما تقاعد وجاء مدير آخر ملتزما إداريا متدينا منضبطا وظيفيا، يحرص على صلاة الظهر وخصص مكانا لها، لا يسمح بالتجمعات في المكاتب، قطع الوشاية والغيبة والنميمة، رأيت الموظفين منذ الصباح الباكر كل واحد على مكتبه لا يخرج منه إلا وقت صلاة الظهر جماعة، والأكثر من ذلك يذهبون يوم الجمعة ليصلوا في المسجد الذي يصلي فيه المدير؛ لكي يسلـّموا عليه ويصافحوه ويثبتوا حضورهم والتزامهم. فقلت لأحدهم يجالسني في المكتب ممازحا: أليس ما تقومون به يجعل الواحد منكم أرجوزا أو مهرجا؟! فتنهد بحرقة ومرارة وقال: إنها صروف الدهر يا أخي، إنها لقمة العيش، إنها قسوة الحياة يا صحبي؛ نحن نعمل من منظور ( طبّـل للقرد ببلده )، وبلدته إنما هي فترة وجوده في منصبه، أوليس هو الآمر الناهي؟ فأومأت برأسي وقلت: بلى.
جريدة الراي الكويتية